مسلمين في علوم الهندسة.
تحيط الباحة غرف موزعة على طابقين, أربعون غرفة في الطابق الأول و ست وثلاثون في الثاني – إضافة الى الشرفات المطلة على الباحة – مكونة من قاعات تدريسية و حمامات, إضافة الى غرف مبيت الطلبة الذين كانوا يأتون من مختلف أقطار الدولة الإسلامية.
تتميز المدرسة بالأقواس المدببة و الزخارف المنقوشة على الحجر و على الجص (هندسية و نباتية), يتوسط كل جانب من جوانب المدرسة إيوان, حيث تم تدريس المذاهب واحد في كل إيوان.
تميزت مباني العصر العباسي بصلابتها و حدتها من الخارج و الداخل, فنرى من الداخل جمال الزخارف و النحت الدقيق على الجدران و الأعمدة. حيث أنها سلمت من الغزو المغولي, لكن العلماء و الدارسين لم يسلموا, فتوقف التدريس فيها حتى قدوم العثمانيون الى المنطقة.
خامساً: جامع القيروان (جامع عقبة بن نافع)
بناه القائد عقبة بن نافع بعد فتح الشمال الأفريقي 670 م, و تأسيس مدينة القيروان التي بني فيه هذا الجامع.
يعتبر مخطط القيروان من المساجد المتعددة الأعمدة Hypostyle. تبلغ مساحته 9000 م مربع, و كما هو معروف في هذا النوع, نرى وجود عدد كبير من الأعمدة اغلبها روماني بيزنطي أعيد استخدامها, فتشكل فيما بينها الأروقة.
تحوي قاعة الصلاة على اكثر من 400 عمود, ربط البعض منها ببعض لتشكل مجموعة من ثلاث أو أربع إلى ست أعمدة.
أما فناء الجامع فهو محاط بثلاث أروقة من الجهات الثلاث, عمق كل منها صفان من الأعمدة, حيث تم تنظيم تخطيط المسجد بمحور طولي (يصل المحراب بالمئذنة) لكن هذا المحور غير مستقيم لعدم انتظام مخطط المسجد.
و من السمات الفريدة في هذا البناء, توسعة رواقين في قاعة الصلاة المحاذي لجدار القبلة و الرواق العمودي عليها, لتشكل في المخطط حرف T.
تتوسط المئذنة رواق الفناء المقابل لقاعة الصلاة, بإرتفاع 315 م مقسمة الى ثلاث مستويات, تعلوها قبة يقطينية الشكل.
تعلو قاعة الصلاة قبتان, الأولى فوق المحراب و الثانية تقابلها (عند الطرف الآخر من الرواق المتعامد مع جدار القبلة), و ثلاث قباب أخرى تقع كل منها في المخلين الشرقي و المدخل الغربي للجامع.
يوحي الجامع من الخارج بأنه حصن ضخم, و ذلك بسبب جدرانه السميكة و المائلة من الأعلى الى الداخل. و هنا يلاحظ أن عمارته مستوحاه من العمارة العباسية من حيث القساوة و الضخامة و من حيث استخدام مواد البناء أيضاً.
سادساً: مسجد الشاه
بني في عهد الشاه عباس الأول (عباس الأكبر) الحاكم الصفوي سنة 1638 م.
يعتبر مخطط المسجد من نوع المساجد ذات الإيوانات الأربعة four Iwan, و من اكبر إيوانات المسجد هو الذي يرتبط بإتجاه القبلة, و الذي يسبق القبة المركزية الكبيرة. تقع قاعة الصلاة الرئيسية تحت القبة المركزية, كما و تقابل باقي الأواوين قبب لكن اصغر حجما من الرئيسية. يحد الإيوان الرئيسي من الطرفين مئذنتين, كما يحد إيوان المدخل الرئيسي مئذنتين أيضاً.
كانت اغلب المآذن الصفوية تتخذ دور العنصر المعماري الرمزي (البصري) فلا تستعمل للأذان بالضرورة, و إنما يتم الأذان من احد الأكشاك التي تقع على احد إيوانات المسجد.
يغطي البلاط الفسيفسائي ازرق اللون معظم المسجد من الداخل و الخارج Haft-rang, و نلاحظ وجود المقرنصات داخل قبب الأواوين الأربع, و التي بدورها تكون مغطاة بالفسيفساء ازرق اللون. حيث تميزت المنطقة بإجتياح اللون الأزرق على اسطح مبانيها.
كاشي (haft rang), هو البلاط ذو السبع ألوان, هي تقنية للرسم على الزجاج و تلوينه (التزجيج) و لا يزال يستخدم الى اليوم.
لا يشترط فيه استخدام سبع ألوان (الأزرق و الفيروزي و الأحمر و الأصفر و الأسود و الأبيض و البيج), فعلاقة الألوان ببعضها و تكوينها اهم, حيث تكون الألوان مفصولة عن بعضها بخطوط من نوع خاص (مغنيسيوم مخلوط بالزيت).
وصل هذا النوع من البلاط الى حد الكمال في شيراز, و كان أول نشوءه (أول من ابتكره الأيوبيين). اختلفت في شيراز عن غيرها من المناطق من حيث الجودة و المكونات الكيميائية.
يواجه مسجد الشاه الميدان, حيث يحيط الميدان عدة أبواب تقود الى مسجد الشيخ لطف الله من جهة و أخرى الى مجمع القصر الملكي (الصفوي) و الأخيرة تقود الى بازار أصفهان.
من بين الصفاة البارزة (الهندسية) في المسجد هي كيفية التوفيق بين الاتجاهين المختلفين للميدان و اتجاه القبلة. حيث تم ذلك عن طريق إضافة مساحة مثلثة لإيوان المدخل, احد أضلاعه يوازي جدار القبلة و الضلع الآخر يوازي اتجاه الميدان.
سابعاً: جامع السليمانية
بنى هذا الجامع المعماري الشهير سنان باشا 1559 م, حيث يعتبر من ابرز المعماريين في العالم الإسلامي, كان سنان مسؤول عن اكثر من 300 مبنى على مدى سيرته المعمارية. و يعتبر جامع السليمانية الى جانب جامع السليمية من أشهر أعماله.
يقع الجامع ضمن مجموعة من المباني المحيطة به, تحوي على مستشفى و اربع مدارس و دكاكين و حمامات خارجية.
يعتبر مخطط الجامع مزيج من المساجد ذات القبة الواحدة central dome و المساجد المتعددة الأعمدة Hypostyle, حيث يتكون من جزأين مستطيلين (الفناء و قاعة الصلاة). الفناء هنا اصغر من قاعة الصلاة, حيث انه محاط برواق ذو البلاطة الواحدة, و تتعدد فيه المداخل.
تحدد مساحة الصلاة من جهة القبلة فناء مسيج غير مغطى, يحوي هذا الفناء على عدة أضرحة لأشخاص ذوي سلطة من بينهم ضريح سليمان القانوني.
تعلو قاعة الصلاة قباب متنوعة (الشبه دائرية و المسطحة و النصفية), تتوسطهم قبة مركزية كبيرة يبلغ قطرها 26 م ترتكز على اربع دعامات ضخمة, يحدها قبتان نصفيتان (شمالية و جنوبية) تعطي هذه القباب من الداخل و الخارج تعبير فراغي و شكلي قوي, إضافة الى تعزيزها لدعم القبة المركزية.
تشكل مجموعة القباب التي تدعم كل منها الأخرى تجمع هرمي سيمفوني قوي, يتصف بالنزول التدريجي من الأعلى الى الأسفل, و يشعرنا بضخامة كتلته الكبيرة إضافة الى خفته.
نلاحظ قرب النمط من البناء البيزنطي, لكن المعمار سنان ابدع في مدلوله حيث ابتكر شكلا خاصاً جعله ينتمي لكونه عمارة عثمانية.
يصل عدد المآذن في الجامع العثمانية من مئذنتين الى ست مآذن, تتميز المئذنة بشكلها القلمي المدبب, حيث تعلوها قمة مخروطية مدببة تحوي على شرفة واحدة او اكثر.
بالنسبة لجامع السليمانية فمآذنها التي تقع في زاوية التقاء الفناء بباحة الصلاة تحوي على ثلاث شرف, أما المآذن التي تحدد الفناء الخارجي فهي اقصر طولا و تحوي على شرفتين. الجامع مبني اغلبه من الرخام, و تغطى القبب و قمم المآذن المخروطية بألواح من الرصاص.